تشير نتائج دراسة كبيرة إلى أن شرب 6 أكواب أو أكثر من القهوة يومياً يرتبط بصغر حجم المخ وزيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 53٪.
ووفقاً للباحثة في الدراسة إلينا هيبونين، أستاذة علم الأوبئة التغذوية والوراثية ومديرة المركز الأسترالي للصحة الدقيقة، فإنه يجب الاعتدال بتناول القهوة، خاصة أن المستويات المرتفعة من الاستهلاك قد يكون لها آثار ضارة طويلة المدى على الدماغ.
وتعد هذه البيانات الجديدة مثيرة للقلق، وهناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات المضبوطة بعناية لتوضيح آثار القهوة على الدماغ. وقد نشرت هذه الدراسة على الإنترنت في 24 يونيو في مجلة Nutritional Neuroscience.
فحص الباحثون بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهي دراسة وبائية مستقبلية طويلة الأمد تضم أكثر من 500 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 37 و 73 عاماً، وقد تم تعيينهم في 22 مركز تقييم في المملكة المتحدة ما بين مارس 2006 وأكتوبر 2010.
وأثناء التقييم الأساسي، تم جمع المعلومات باستخدام الاستبيانات والفحوصات الجسدية التي تضمنت جمع عينات الدم، والبول، واللعاب. وتم استخدام دراسة التصوير الفرعية في عام 2014، وكان الهدف منها إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، والقلب، والجسم لـ 100000 مشارك.
وأجرى الباحثون تحليلات على نتائج المرض لـ 398646 مشاركاً توفرت لهم معلومات عن استهلاك القهوة المعتاد. وأجريت تحليلات حجم الدماغ في 17702 مشاركاً توفرت لهم بيانات تصوير دماغ صحيحة.
وقد أبلغ المشاركون عن عدد أكواب القهوة التي يتناولونها يومياً. وصنف الباحثون استهلاك القهوة في سبع فئات:
- الأشخاص الذين لا يشربون القهوة.
- شاربو القهوة منزوعة الكافيين.
- شاربو القهوة الذين يستهلكون أقل من 1 كوب في يوم.
- شاربو القهوة الذين يستهلكون كوب إلى كوبين في اليوم.
- شاربو القهوة الذين يستهلكون 3-4 أكواب في اليوم.
- شاربو القهوة الذين يستهلكون 5-6 أكواب في اليوم.
- شاربو القهوة الذين يستهلكون > 6 أكواب في اليوم.
وكانت الفئة المرجعية هي الأشخاص الذين تناولوا 1-2 فنجان في اليوم، بدلاً من أولئك الذين امتنعوا عن القهوة، لأن الأشخاص الذين يمتنعون عن القهوة هم أكثر احتمالاً أن يكونوا بصحة دون المستوى الأمثل (نتيجة حالة صحية جعلتهم يمتنعون عن شرب القهوة). لذا، فإن مقارنة صحة شاربي القهوة بصحة أولئك الذين يمتنعون عن القهوة ستؤدي إلى انطباع بوجود فائدة صحية لها حتى لو لم يكن الأمر كذلك.
وقد تمكن الباحثون من الوصول إلى معلومات حول الخرف والسكتة الدماغية باستخدام بيانات الرعاية الأولية، والسجلات الصحية الإلكترونية لدخول المستشفيات، وسجلات الوفيات الوطنية، والحالات الطبية المبلغ عنها ذاتياً.
وتضمنت المتغيرات المشتركة العوامل الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية وعوامل أخرى؛ مثل التدخين، واستهلاك الكحول والشاي، والنشاط البدني، وأحداث الحياة المجهدة، ومؤشر كتلة الجسم.
وجد الباحثون أن هناك ارتباطاً عكسياً خطياً بين استهلاك القهوة وإجمالي حجم المخ، مع وجود أنماط متسقة لأحجام المادة الرمادية، والمادة البيضاء، والحصين. لكن، لم يكن هناك دليل يدعم الارتباط بحجم كثافة المادة البيضاء.
وكشف التحليل أيضاً عن وجود علاقة غير خطية بين استهلاك القهوة واحتمالات الإصابة بالخرف، مع وجود زيادة ملحوظة للمشاركين في أعلى فئات استهلاك القهوة مقارنة بشاربي القهوة الخفيفة.
ولم يكن الارتباط مع استهلاك القهوة بكثرة والسكتة الدماغية مهماً، على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد وجود تأثير ضعيف.
وكانت تتطور لدى الأشخاص المعرضين لخطر ارتفاع ضغط الدم أحاسيس غير سارة، ويتوقفون عن شرب القهوة قبل وقوع حدث ضار خطير. وهذا النوع من التأثير قد يتوقع أن يحد بشكل طبيعي من الآثار الضارة للقهوة على خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
ولم يظهر فحص تناول الشاي، الذي يحتوي غالباً على مادة الكافيين، ارتباطاً بحجم الدماغ، أو احتمالات الإصابة بالخرف، أو السكتة الدماغية.
ومع هذا، تشير الدلائل الجينية إلى الدور السببي لتناول القهوة بكثرة في خطر الإصابة بمرض الزهايمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن نتائج التجارب السريرية تدعم الارتباط بين تناول الكافيين بكمية أكبر وحجم المادة الرمادية الأصغر.
وتعد الآليات التي تربط استهلاك القهوة بأحجام الدماغ والخرف ليست مؤكدة بشكل جيد. ومع ذلك، فقد استخدم الكافيين للحث على موت الخلايا المبرمج في دراسات السرطان باستخدام الخلايا الدبقية.
علاوة على ذلك، تم اقتراح أن مستقبلات الأدينوزين، التي تتوسط العديد من تأثيرات الكافيين في الدماغ، تؤثر على إطلاق عوامل النمو والتي بدورها يمكن أن يكون لها تأثير على تكاثر الخلايا النجمية وتكوين الأوعية الدموية في الدماغ .
كما تحتوي بعض أنواع القهوة على الكافستول، مما يزيد من نسبة الكوليسترول في الدم ويمكن أن يكون له آثار ضارة من خلال الآليات ذات الصلة.
كما قد تتضمن الآلية أيضاً الجفاف، والذي قد يكون له تأثير ضار على الدماغ. حيث اقترحت الدراسة وجود علاقة بين الجفاف وزيادة تناول القهوة.
تحتوي القهوة على مضادات الأكسدة، وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة قد أشارت إلى أنها قد تكون مفيدة، إلا أن هناك الكثير من الخلافات والاقتراحات حول الآثار المفيدة للقهوة والتي قد لا تكون صحيحة.
وتضمنت إحدى قيود الدراسة حقيقة أن المعلومات الغذائية الكاملة كانت متاحة فقط لعينة فرعية، وأن عوامل مثل الجفاف تم قياسها في الأساس بدلاً من قياسها وقت التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.
كما كانت إحدى قيود الدراسة المحتملة الأخرى هي استخدام البيانات المبلغ عنها ذاتياً، وحقيقة أن تغييرات نمط الحياة ربما حدثت بين خط الأساس والتصوير بالرنين المغناطيسي أو قياس المتغير المشترك.
بالإضافة إلى ذلك ، تخضع الدراسة لتحيز المتطوع الصحي، وتقتصر آثارها على البريطانيين البيض. وقد لاحظ المؤلفون أن الارتباط يحتاج إلى الدراسة في مجموعات عرقية أخرى.